من الجميل أن نحكي تجاربنا الخاطئة ليتعلم منها غيرنا، ولكن الأجمل أن نستر أنفسنا ونراعي حق الله في من يقتدون بنا من (أبناء، بنات، زوجه، جار، صديق، أخ.. إلخ)
فالإدمان ذنب مغفرته بإذن الله التوبة، وأرى أن ما يعيب المدمن بعد توبته أن يستغل تعاطف الناس ليرحموه. فالأجدر به أن يطوي صفحة سوداء مضت ويحرقها، ويعتبرها كبوة جواد وإن يمسحها من ذاكرته.
فلو أن أحدنا وضع نفسه مكان ابن هذا المدمن التائب ورآه في لقاء أو قناة أو حوار. . . يقتات من ذكريات مخجلة جعلها وصمة مستمرة بحياته لربما ود لو أن الله خلقه اصم حتى لا يسمع من أبيه ما يكره.
وحرصا من أمانة اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات والجهات الشريكة، فقد استثمرت هذه التجارب الناجحة في العلاج والتأهيل من خلال إشراكهم في منازل منتصف الطريق وبيوت الشباب لتحفيز راغبي العلاج في الاستمرار ببرامج التعافي، عوضاً عن الظهور الإعلامي للمتعافي الذي ينطوي على انعكاسات سلبية عليه شخصيا وعلى ذويه وعلى المتلقي.
ولا أظن أحداً يرفض حفظ كرامة الناس والستر عليهم. فكما قال صلى الله عليه وسلم «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون».
وعلى النقيض من هؤلاء الذين من الله عليهم بالهداية وعادوا إلى جادة الصواب بعد صراع مرير مع سموم المخدرات وأوهامها نجدهم يمتنعون عن الحديث عن هذا الماضي الحزين وكفروا عن ذلك بمواصلة تعليمهم والعمل بكفاح لم ينتظروا إقامة ملتقى ليفرضوا أجورهم ويشترطوا مواصفات السكن ويحددوا مقعد الرحلة.
ولم يورثوا لأبنائهم مشاكل نفسية أو اجتماعية تؤثر في حياتهم ومستقبلهم، لذا أنصحك أخي المتعافي أن لا تجعل للناس طريقاً يحبطون به أبناءك ويلمزونهم به. فما فائدة المال والشهرة أمام دمعة ابن مقهور بسبب استعراضك لسجل أخطائك أمام الجميع. فالعبرة بالتوبة لا بالخطأ.
فكم من الناس أزله الشيطان وانغمس في سحيق الخطأ وعاد من أقصى نقاط الهاوية وكأنه ولد من جديد، فكان بعد العودة عدواً لدوداً لما كان منه، وشامخاً فخوراً بنفسه إذ استطاع انتشال نفسه من عمق الزلل إلى أبعد نقاط النجاح.
وهذا ليس بأمر صعب بقدر ما هو خروج من الجهل، والعلم بما يستحق الإنسان من التكريم، والكثير من الصبر، والتوبة الصادقة. والله من وراء القصد.
الكاتب: محمد البدراني
المصدر: صحيفة عكاظ